مفهوم الأسرة :
الأسرة هي
" أول وسط طبيعي واجتماعي للفرد، وتقوم على مصطلحات يرضيها العقل الجمعي،
وقواعد تختارها المجتمعات، فنظام الأسرة في أمة ما، يرتبط ارتباطا وثيقا، بمعتقدات
هذه الأمة وتاريخها وعرفها الخلقي، وما تسير عليه من نظم في شؤون السياسة والاقتصاد
والقضاء "(1) ، كما أنها " نتاج
اجتماعي بعكس صورة المجتمع التي تظهر وتتطور فيه، بحيث إذا كان هذا المجتمع يمتاز
بالثبات امتازت هي الأخرى بذلك، أما إذا كانت في مجتمع متغير أو ثوري، تتغير هي
الأخرى، وفق نمط هذا التغير ومكرومة في المجتمع" (2)، والأسرة هي رابطة التجمع الأساسية في
المجتمع الإسلامي بعد العقيدة، فبالأسرة القوية يصير المجتمع قويا، وبالأسرة
الضعيفة تتفكك عرى المجتمع ويتحلل ويذوب (3)،
وبناءا على هذه التعاريف، فإن الأسرة نظام اجتماعي هام، يعتمد على وجوده على عوامل
بيولوجية ضرورية، تتدخل النظم الاجتماعية في توجيهها وتعديلها، وفق خصائص يتبناها
كل مجتمع لنفسه، حسب المرحلة التاريخية التي يمر بها والتحولات التي يعيشها إلا أن
لا يمنع أبدا من أن الأسرة لها تأثيرها الكبير في مسار المجتمع، نظرا للعلاقة
الجدلية، الضرورية بينهما والمتمثلة في التأثر والتأثير المستمرين من جانب الأسرة
والمجتمع في بعضهما البعض وبالغم من أن الأسرة قد عرفت عبر تطوريها التاريخي
أشكالا ووظائف كثيرة ومتنوعة فإنه سيتم في هذا البحث التعرض لشكلية منها فقد وهما
الأسرة الممتدة والأسرة الزواجية لأنهما الشكلان الموجودان معا الآن في المجتمع
الجزائري سواء في مناطقه الريفية أو الحضارية.
وفيما يلي تعريف كل من هذين الشكلين مع ذكر بعض خصائصهما:
ونظرا للتغيرات التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والعمرانية التي شهدتها
مختلف المجتمعات، دون استثناء المجتمع الجزائري منها تقلص عموما هذا الشكل الممتد
للأسرة بحيث أصبح يتكون الآن من الزوج والزوجة وأولادهما وذكور وإناث غير
المتزوجين، ومن الأبناء المتزوجين وزوجاتهم، وأبنائهم(2).
ومن بعض خصائص الأسرة الممتدة ما يلي:
- تتميز الأسرة الممتدة بنوع من الثبات والاستقرار بالرغم من تعاقب الأجيال
إذ يتغير أفراد الأسرة ولكن تظل محتفظة بشخصيتها ومسؤولياتها تجاه أفراد الأسرة.
- تتميز بازدياد حجم ونوعية العلاقات الاجتماعية بين أفرادها، فالفرض في
هذا النمط الأسري لا يرتبط بعدد كبير من الأفراد فحسب، وإنما يرتبط مع هؤلاء
الأفراد بشبكة كبيرة من العلاقات الاجتماعية، مما يترتب عليه ضعف العلاقات الاجتماعية
بين أي فردين من الأسرة.
- تتميز بالتقارب المكاني بين أفرادها وما يتيحه هذا التقارب من فرص أكثر
لرؤية الأفراد بعضهم لبعض ويسهل لأفراد مقيمين في الأسرة، مراقبة الأفراد الأخوين،
وملاحظة سلوكهم، ومحاسبتهم على أي انحراف سلوكي، أو خروج على قيم اجتماعية التي
تلتزم بها الأسرة (3)
2- مفهوم الأسرة الزواجية وبعض خصائصها: يرجع الفضل في الواقع إلى عالم الاجتماع الفرنسي (Emile Durkheim) في الدفاع عن مفهوم الأسرة الزواجية، بحيث كان
يعتقد أنها نتاج لحركة التطور المنتظمة والمتجهة نحو التخصص والتمايز المصاحبتين
للواقع الاجتماعي، نظرا لتوسع الوسط الاجتماعي، الذي يدخل الفرد فيه في علاقات
مباشرة، ولقد أضاف العالم الاجتماعي الأمريكي (Talcott Parsons) المصروف بأبحاثه عن الأسرة الزواجية، تحليلات جديدة
إلى من قدمه العالم الأول، يؤيد فيها هذه الفرضية(1).
وتعرف الأسرة الزواجية بأنها " مجموعة مكونة من العناصر الأساسية في
الأسرة، أي الأب، الأم والأولاد، ويقيمون في مسكن واحد "(2).
ومن بعض خصائصها ما يلي:
- تتكون الأسرة الزواجية، على أساس الاختيار الحر في الزواج، فالزواج فيها ارتباط
أكثر منه ارتباط بين أسر هؤلاء الأفراد، وبالتالي يصح التوافق بين الزوجين أهم من
التوافق بين أسرهم.
- تتميز باستقلال مسكنها ومعيشتها، عن الأسرة بالمولد، الأمر الذي ينتج عنه
من ناحية، استقلالها بشؤونها الخاصة، فهي توجه شؤونها، وتتخذ القرارات المتعلقة
بحياتها ومستقبلها، دون تدخل من القرابات إلا إذا لجأت الأسرة بنفسها إلى هذه
القرابات، ومن ناحية أخرى ينتج عنه سقف دور الرقابة والضبط الاجتماعي لأفراد
معينين لأفرادها(3).
ومفهوم الأسرة الذي ستعتمد عليه هذه الدراسة هو مفهوم الأسرة الشبه
الزواجية، على أساس أن الأسرة السوفية تجمع بين خصائص الأسرة الممتدة
وظائف الأسرة: تقوم الأسرة بعدة وظائف وعلى رأسها:
- الوظيفة البيولوجية: وهي المحافظة على النسل حتى يستمر الحفاظ وبقاء
النوع البشري، وذلك من خلال عملية إنجاب الأطفال
- الوظيفة التربوية: وهي وظيفة القيام بتربية ونتشأة الأطفال، حتى يمكنهم
القيام بواجباتهم، وتحقيق وجودهم وإشباع حاجاتهم.
- الوظيفة الاقتصادية: وهي تقوم بتلبية حاجيات أفراد الأسرة من مأكل وملبس
ومأوى ووسائل تعليمية وترفيهية مختلفة...
- الوظيفة النفسية والاجتماعية: فمن خلال التنشئة الاجتماعية التي تنشئ
الأسرة أبناءها اجتماعيا، وثـقافيا، وتعليمهم لغة المجتمع، وقيمه، وتقاليده،
وأفكاره، وتحديد أدوارهم فيه ومن خلال ذلك تكون الأسرة قد حققت لأبنائها الأمن
والطمأنينة، والحب والحرية، والتعليم، وبالتالي تحقيق الذات، هي تعد القاعدة
الأساسية لكل بناء مستقبلي للفرد، حتى يقوم بما يجب عليه من خلال الأدوار التي
يشغلها(2). ويتمثل الدور التربوي للأسرة في تعليم
المار واسع من أنماط السلوك والقيم والاتجاهات والمشاعر والمعارف(3).
(1)
علي عبد الواحد وافي، الأسرة والمجتمع، مكتبة النهضة،
القاهرة، 1966، ص 04.
(2)
مسعودة كمال، مشكلة الطلاق في المجتمع الجزائري، د ط:
ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون، الجزائر، 1986، ص 21.
(3)
أحمد هاشمي، الأسرة والطفولة، ط 1 ، دار قرطبة للنشر
والتوزيع، الجزائر، 2004، ص 12.
(1)
مسعودة كمال، مرجع سابق، ص 22.
(2)
سناء الخوري، الزواج والعلاقات الأسرية، د.ط، دار
المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1979، ص 34.
(3)
الفاروق زكي يونس، علم الاجتماع، الأسس النظرية وأساليب
التطبيق، د.ط، عالم الكتب، القاهرة، 1972، ص 169.
(1) المرجع نفسه، ص 225-226.
(2)
Foul Q1LIE (Poul), Vocabulaires Des Sciences
Sociales, Paris, 1978, P143.
(3)
فاروق زكي يونس، مرجع سابق، ص 227.
(1)
مسعودة كمال، مرجع سابق، ص 23
(2)
أحمد هاشمي، مرجع سابق، ص 14
(3)
المرجع نفسه، ص 15
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق