مفهوم الطلاق
1- المفهوم اللغوي للطلاق: إن الطلاق لغويا، مشتق من فعل " طلق " و
" أطلق " بمعنى ترك وبعد(1). ولقد
خصص استعمال " طلق " في رفع القيد المعنوي، و " أطلق " في رفع
القيد الحسي. فيقال طلق الرجل زوجته، ولا يقال أطلقها، كما يقال أطلق الرجل
البعير، بمعنى فك قيده، ولا يقال طلق البعير(2).
تقول: طلقت البلاد إذا فارقتها، والقوم إذا تركتهم، والطالق من الإبل: التي
لا قيد ولا عقال عليها، وتطلقت الخيل إذا مضت دون أن تحبس، وعبد طليق: أي صار حرا،
وأطلقت الأسير: إذا أخليت سبيله. إن المتأمل لمادة: (طلق) يجدها تدور حول
معنى: المفارقة، والترك، ونزع القيد، والتخلية، والحرية، والإرسال، والحقيقة
أن كل هذه الكلمات تصب في مجرى واحد، وهو التخلص من أي نوع من الروابط والقيود
التي تحد من الحرية، ثم كثر استعمال هذه المادة في طلاق الرجل امرأته، لما في ذلك
من رفع القيود التي كانت عليها لبيت الزوجية ومن ترك ترك لها، وتخل عنها (3).
2- المفهوم الإسلامي للطلاق: هو " حل العصمة المنعقدة بين الزوجين
" وهذا حسب تعريف المالكية(4)، أما
تعريفه في قانون الأحوال الشخصية الجزائري:
- الطلاق:" حل عقدة الزواج، ويتم بإرادة الزوج، أو بتراضي الزوجين، أو
يطلب من الزوجة في حدود ما ورد في المادتين 53 و54 م هذا القانون "(5)(6)
وعلى الرغم من أن هناك أنواعا عديدة من التفكك الأسري إلى جانب الطلاق،
كالإنفصال أو الهجر، إلا أن الطلاق يعتبر أعم وأهم أشكال التفكك الأسري في جميع
المجتمعات بدون إستثناء (1).
وقد تعود هاتين الميزتين للطلاق، كونه الوحيد من أنواع التفكك الذي يؤدي
إلى الإنفصال النهائي بين الزوجين بصفة شرعية، تسمح لهما بحق الزواج ثانية، الأمر
الذي يتطلب تدخل الإعتراف القانوني بالطلاق إلى جانب الإعتراف المجتمعي به، لذا
فإن أغلب التعاريف التي ظهرت للطلاق، وحتى من طرف بعض الباحثين الإجتماعيين تجمع
بين الجانب الإجتماعي، والقانوني للطلاق في نفس الوقت ومنها مثلا: " إن
الطلاق هو الفسخ الشرعي للإرتباطات الزوجية، وبالتالي الإثبات الإجتماعي لفسخ عقد
الزواج" (2) وأنه " فصم
الرابطة الزوجية التي يثبتها المجتمع، وفسخ عقد الزواج الذي يثبته كل من المجتمع
والقانون " (3).
وما سينتج أولا من التعاريف المذكورة للزواج عموما أشارتها إلى صعوبة إتمام
الزواج خارج نطاق ثقافة المجتمع ككل، الذي يتم فيه بحيث أن هذه الثقافة هي التي تجعله
مقبولا ومشروعا من طرف المجتمع، كما توجد مظاهرة ووظائفه التي ستمليها عليه، وفي
المجتمع الجزائري، فإنه بالإضافة إلى أن الزواج أجد الأشكال التبادلية بين أشرة
الزوج والزوجة، والتي تحافظ على إستمرارية مختلف العلاقات الإجتماعية الناتجة عنه،
التي هي
وما يستنتج ثانيا من التعاريف المذكورة للطلاق أنه عبارة عن أحد أشكال
التفكك الأسري الذي يحدث بين الزوجين نتيجة لفشل أحدهما أو كلاهما في مواجهة
متطلبات الحياة المشتركة هذا التفكك الناتج عن إشتداد الخلافات بينهما لأي سبب من
الأسباب وكلي يكون هذا التفكك طلاقا وليس مجرد أي نوع من التفكك الأسري لابد من
الإعتراف المجتمعي والقانوني به في آن واحد.
ومفهوم الطلاق الذي ستأخذ به بهذه الدراسة، يتمثل في أن الطلاق عبارة عن
نوع من التفكك الإجتماعي الذي يحدث بين الزوجين هذا التفكك الذي يؤدي إلى الإنفصال
النهائي بين الزوجين وبالتالي إلى تفكك وحدة الأسرية التي كانت قائمة قبله، والذي
يقره كل المجتمع والهيئات القانونية.
إن التفكك الإجتماعي في المجتمع الجزائري عدة عوامل متنوعة إقتصادية
وإجتماعية وديمقراطية متداخلة فيما بينها ومتبادلة التأثير فيما بينها بالإضافة
إلى أن درجة أهمتيها تختلف من حيث تسببها في الطلاق في المجتمع الواحد (2).
يتمثل النوع الأول من هذه الإختلافات في رغبة بعض الأهل في الحفاظ على بعض
العادات والتقاليد المرتبطة بالزواج، والتي تهدف عموما إلى خدمة مصلحة الأسرة
بالدرجة الاولى، سواء قبل زواج ابنائهم أو بعده، بينما تتمثل رغبة الابناء
المقبلين على الزواج غالبا في المجتمع السوفي في تحقيق مصلحتهم الشخصية بالدرجة
الأولى سواء قبل الزواج أو بعده.
أما النوع الثاني من الإختلافات فقد ينشأ بين الزوجين نفسهما، نتيجة لحمل
كل منهما لقيم إجتماعية مختلفة حول الزواج والحياة الزوجية ككل، ودور كل من الزوجين
فيها.وهكذا فإن هذين النوعين من الإختلافات إذ وصلت إلى درجة التناقص الحاد بين
هذه الأطراف، بمحاولة كل فرد فرض قيمة ووجهة نظره على الآخر، فإن ذلك يؤدي إلى عدم
الإنسجام والتفاهم بين الزوجين ومن الممكن إلى الطلاق.
(1)
محمد رضا ، معجم متن اللغة ، المجلد3، مكتبة الحياة،
بيروت، 1959 ، ص 624.
(2)
احمد الغندور، الطلاق في الشريعة الإسلامية والقانون، د
ط : دار المعارف بمصر، مصر، 1967، ص 36.
(3)
نصر سليمان
وسعاد سطحي ، أحكام الطلاق في الشريعة الإسلامية ، د ط : دار الهدى للطباعة والنشر
والتوزيع، عين مليلة، 2003 ص 6.
(4)
المرجع نفسه، ص 7.
(5)
قانون الأسرة الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية،
الجزائر، 1984، المادة 48.
(6)
راجع الفصل الثاني من هذه الدراسة، ص
(1)
أحمد عادل سركيس، الزواج وتطور المجتمع، دار الكتاب
العربي للطباعة والنشر، القاهرة، السنة
غير مذكورة، ص 13.
(2)
المرجع نفسه، ص 19.
(3)
مسعودة كمال، مرجع سابق، ص 24.
(4)
سناء الخولي، مرجع نفسه، ص 258
(1)
المرجع نفسه، ص 259.
(2)
Liccmon, le dirorce en france OP, cit P 4.
(3)
أحمد عادل سركيس، مرجع نفسه، ص 22.
(1)
مسعودة كمال، مرجع نفسه، ص 25.
(2)
المرجع نفسه، ص 25.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق