منتديات اميه ونسه التعليمية

رياضيات . فيزياء .لغات .كل مايفيد الاستاذ و التلميذ وطالب العلم

آخر الأخبار

Post Top Ad

Your Ad Spot

Translate

الأحد، 28 يوليو 2024

الطلاق: عوامله وآثاره

 


تمهيــد:

    إن الطلاق في أي مجتمع من المجتمعات، سواء كان ناميا أو سائرا في طريق النمو، وفي البيئة الحضرية أو الريفية منه، يعود إلى مجموعة متنوعة ومتداخلة من العوامل المختلفة المشتركة، كالنفسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية، بحيث يكون لكل عامل من هذه العوامل العديدة، نصيبه الخاص الذي قد يكبر أو يصغر، في نشوئه، وذلك حسب طبيعة المجتمع والمرحلة التاريخية والحضارية التي يمر بها.                                                           

   ولقد تمكن عدد من الباحثين الاجتماعيين خاصة وفي المجتمعات المختلفة من تحديد بعض هذه العوامل.

   وإن لتفكك الأسرة بالطلاق وضعية خاصة يفرضها على المطلقين من النساء والرجال معا، والتي تتمثل في ضرورة تكييفهم مع أدوارهم ومراكزهم الجديدة الناجمة عنه والتي لها أبلغ الأثر في حياة عناصرها.

   إذ يتناول الطلاق مستقبل الرجال والمرأة والأطفال، بل وحتى المجتمع الذي ينتشر فيه وإن كانت آثار الطلاق، وفيما يخص هذه الأطراف الأربعة تختلف من حيث الحدة بين المجتمعات الغربية والمجتمعات العربية وذلك لأسباب سيتم التعرض لها في هذا الفصل.

أولا : عوامل الطلاق

علماء النفس والطلاق

   يرى بعض علماء النفس، أن معظم حالات الطلاق ترجع إلى عوامل لا شعورية، وتدخل في علم النفس المرضي، أي أن الشخص الذي لا يرى حلا للأزمات الزوجية، إلا عن طريق الطلاق، ليس بالشخص السوي، وإن السبب الجوهري الذي يجعله يفكر في الطلاق ثم يهدد به، وأخيرا ينفذه، هو بسبب مرض في نفسه، يتمثل في عدم نضجه العاطفي، فالزوج المريض نفسيا يستخدم في حياته الزوجية نفس الأساليب الخاطئة التي اعتاد استخدامها من قبل. كعدم الثقة والخوف من المسؤولية وحب التملك والغيرة والسيطرة، التي تدفعه في النهاية إلى الطلاق(1).   

   ولكن حسب رأي هذه الدراسة، تفسيرهم يظل فرديا خاصة ببعض المطلقين، إذ إن الملاحظات اليومية العادية، تثبت بأن الطلاق يمس جميع فئات المجتمع وجميع الأجيال ولكن بدرجات متفاوتة. 

                              

                                        علماء الاجتماع والطلاق

       من العوامل التي حددها الباحثون الاجتماعيون للطلاق مايلي:

1- التغير في تشريعات الطلاق بالنسبة للمجتمعات الصناعية:

يلاحظ ارتفاع معدلات الطلاق في أوربا وأمريكا، الذي يرجعه البعض على التغيرات التي حدثت في التشريع الخاص بالطلاق في أغلب هذه المجتمعات، من تشريعات مانعة له إلى تشريعات مبيحة له(1)، وهذا ما أكده المؤلف (كومال جال)، حيث يرى بأن التغير في تشريعات الطلاق بالنسبة للمجتمعات الصناعية، قد أدى إلى تغير مفهوم الزواج، من مفهوم مقدس، إلى مفهوم مدني وعادي، الأمر الذي يسهل انحلال الرابطة الزوجية، وانتشار الطلاق في هذه المجتمعات(2وما تلاحظه هذه الدراسة، إن التغير في التشريعات من مانعة للطلاق إلى مبيحة له، لا يمكن أن يؤدي إلى انتشار الطلاق، في أي مجتمع من المجتمعات، وإنما التساهل في إجراءات الحصول عليه إلى حد بعيد، هو المتسبب بالدرجة الأولى في ذلك، والدليل على هذا أنه بالرغم من إباحة المجتمعات الإسلامية للطلاق، إلا أن معدلاته فيها، أقل ارتفاعا وحدة من المجتمعات الصناعية.  

 2- العامل الإقتصادي وأثره الواضح في حياة الأسرة:

     يجعل المؤلف (مصطفى عبد الواحد)، العامل الإقتصادي من الأسباب الهامة التي يستند عليها الطلاق في المجتمعات العربية، إذ يرى أنه حين تضيق سبل المعيشة ويفشل الزوجان في تحقيق حياة سعيدة مؤدية لأغراضها، فيتحقق الزوج من العبء، ولا يبالي بعد ذلك بما يكون(1)، وهذا ما تذهب إليه أيضا بعض الدراسات في المجتمعات الصناعية، والتي لاحظت بأن الدخل يمثل مؤشرا هاما، وطيد العلاقة بالاستقرار العائلي، فالذين هم أقل كفاءة يحصلون على أجور ضعيفة، يتعرضون بكثرة للمشاكل في حياتهم اليومية، مما يكون لهم وبدون شك الاحتمال الأكبر في الطلاق(2)، ووجد الباحث (أ . جوليري) في فرنسا، إذ لاحظ  أن المتزوجين الذين يطلقون بسرعة بعد الزواج، هم الذين يكون من بينهم، الزوج غير عامل، او عامل بسيط أو موظف(3).  

3- عمل المرأة وتأثيرها على شخصيتها:

       هناك الكثير من الباحثين الاجتماعيين، الذين يجعلون من عمل المرأة خارج البيت عاملا أساسيا من العوامل المساعدة على الطلاق لأنه يساعده على الحصول على ميزانية خاصة بها، تجعلها أقل إعتماداعلى زوجها من الناحية المادية، كما تطور مركزها الاجتماعي، الأمر الذي يشعرها بحريتها وقيمتها وشخصيتها في الحياة أكثر من عدم عملها، ويجعلها أكثر إستعدادا للمناقشة حول الحقوق الزوجية ، وشؤون الأسرة ، سواء مع زوجها ، أو مع الرجال

 في مكاتب العمل والمصانع والمدارس، والشركات والجامعات، وإلى تأسيس سلوكها

متأثر بتلك المناقشات الحادة(1)، خارج البيت، فهي لم تعد تنظر إلى نفسها كشيء جميل يتسلى به الرجل متى شاء، وبالتالي ترفض العيش خاضعة للوضعيات التي يفرضها عليها زوجها والانعزال على العالم الخارجي(2)، وتطالب بمساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات، خاصة أن المدن الكبرى، تسمح بوجود علاقات بين أفرادها المتعددين، وتبادل الآراء والأفكار معهم حول موضوعات شتى، فهذا التحرر الاقتصادي وما نجم عنه، يجعل المرأة أميل إلى التبرء من حياتها الزوجية، إذا شعرت أن زوجها لا يشاركها أفكارها، وإلى المطالبة بالطلاق في نهاية الامر.       

إلا أن الزيجات العاملات كإطارات، أكثر طلبا للطلاق  من العاملات الأخريات، نتيجة لمكانتهن الاجتماعية المهنية الحسنة(3) 

4- أزمة السكن: إن أزمة السكن في المراكز الحضرية الكبرى، التي تعيشها المجتمعات، تعتبر إحدى العوامل المشجعة على الطلاق فيها، والتي لوحظت في بعض المجتمعات.  

فالسكن مع أهل الزوج يطرح مشاكل عديدة للزوجين، نظرا للصراع الذي يقوم بين الزوجة والحماة من جهة، وبين الزوجةوالزوج بسبب ذلك من جهة أخرى، أو بالأحرى عدم شعورهما بالحياة الزوجية ككل، نتيجة سكنها مع أهل الزوج، لاسيما إذا كانت أسرته كبيرة الحجم، مما

 يدفع بها غالبا إلىالطلاق(1).  

5- سوء الإختيار والحب الرومانسي:

إن سوء الإختيار في الزواج وقيامه عل أسس غير واضحة، كأن يقوم علىدوافع الحب المثالي أو المنفعة أو التغرير أو التورط(2).  دون مراعاة الاتفاق النسبي في الميول أو الطباع وكفاءة كل من الزوجين للآخر، يعد أيضا من عوامل الطلاق(3).   

6- الاختلاف بين الزوجين في المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي:                            ان اختلاف الزوجين في المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. من العوامل المساعدة

أيضا على الطلاق، لأنه يؤدي إلى اختلاف نظرة الزوجين إلى الحياة العامة والحياة الزوجية، كتربية الأولاد مثلا وقد لا تبدو أهمية هذه الأمور في المراحل الأولى، غير أنها تعمل عملها، عند التعامل الجدي وطول المعاشرة، فتثير كثيرا من حالات التوتر التي تنتهي عادة بالطلاق(4)   

     وبالرغم من أن هذا الاختلاف، لا يمكن ان يكون السبب الرئيسي للطلاق، إلا أن التشابه مما يحول دون وقوع الانفجار في هذه المستويات، يساعد على خفض التوترات إلى حد كبير، ، ومن

 ثم الطلاق(1).      

7- الزواج المبكر ومدة الزواج : نتيجة لدراسات مقارنة أجريت في عدة مجتمعات، تبين فيها أن النساء اللائي تزوجن مبكرا. يكن أكثر عرضة للطلاق، من غيرهن، حيث وجد أن أعلى نسبة للطلاق في العالم، وقعت عندما كان سن الزواج بالنسبة للفتيات (18) عاما فأقل، أما بالنسبة للذكور فقد تبين أن الزواج أقل من (20) سنة يولد المرض والهم والطلاق، فمن (20 إلى 25) عاما ستكون أرجحية إنحلال الأسرة بنسبة (67.8 %) وتفل هذه النسبة بعد ذلك، إلا أن الطلاق يظل محتملا في مختلف الأعمار (2): وهذا ما أشار إليه أيضا الباحثين (ر، وينش، وفربور) في سنة 1964، إذ ذهبا إلى أن الطلاق يعود إلى السن المبكر للزواج وإن كان بصفة أقل من الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط بالزيجات المبكرة، والتي تؤدي إلى عدم الإستقرار الأسري (3)، كما أن معدلات الطلاق مرتبطة بمدة الزواج

حيث دلت الدراسة الاجتماعية كذلك عليها، إذ أن كلما طالت مدة الحياة الزوجية، كلما قلت حالات الطلاق، ففي المجتمع المصري مثلا، قد قدرت حالات الطلاق في بعض السنوات بـ (50%) من عدد الزيجات التي تتم سنويا، بمعنى أن هناك (50) حالة طلاق تقريبا لكل (100) حالة زواج، وتزداد نسبة حالات الطلاق في القاهرة بينما تنخفض في الريف المصري، وحدثت (40%) من حالات الطلاق هذه في السنة الأولى من الزواج، و(40%) أخرى خلال أربع سنوات الأولى من تاريخ الزواج، وفي الأسرة التي لم تنجب أطفالا، إذ ثبت لدى علماء الاجتماع أن الاستقرار العائلي يرتبط بحجم الأسرة، فكلما زاد أفرادها انخفض عدد حالات الطلاق، وكلما صغر حجم الأسرة،

 زاد عدد حالات الطلاق واستنادا إلى ما ذكره بعض علماء الاجتماع في السن المبكر للزواج، يقول الدكتور  "تشوار الجيلاني" في كتابه "الزواج والطلاق" تجاه الاكتشافات الحديثة للعلوم الطبية والبيولوجية ما يلي :

 " وفضلا عن ذلك فإنه نظرا لتعقد الحياة، وصعوبة طرق المعيشة في الوقت الحاضر، فإن أبحاث رجال الطب وعلماء الاجتماع والنفس برهنت على أن زواج الصغار يترتب عليه

عدة أضرار جسمانية ونفسية واجتماعية".(1)

       وفي هذا الصدد ذكر الأستاذ محمد محدة: "فإن الزواج أبدي وتمهيدي، لتكوين أسرة ورعاية أولاد وكل هذه الاعتبارات التي يفرضها عقد الزواج تفترض أن يكون المتعاقد جسميا قادرا على تحملها ومتمتعا بقدر كاف من التمييز يستطيع معه إدراك نتائج وعواقب ما هو مقدم عليه".(2)

8- عدم التوافق الجنسي بين الزوجين : إن عدم التوافق الجنسي بين الزوجين يؤدي إلى ازدياد درجة الخلافات بين الزوجين، ووصولهما إلى نقطة يصعب معها التوفيق، ويصبح لا مناص من حل رابطة الزواج.(3)

        وإلى جانب هذه العوامل العامة المذكورة في الطلاق، وغيرها فقد وضع الباحثون الاجتماعيون

عوامل أخرى للطلاق، خاصة للزوجين، التي هي أقل أهمية من هذه العوامل الأولى، ولكن قد تعجل بقرار الطلاق في بعض الحالات، هذه العوامل هي :

 - إن عوامل الطلاق الخاصة من ناحية الزوج، تتمثل في الكراهية، الزواج بإمرأة أخرى، عجز الزوج ومرضه، سوء معاملة الزوج، كبر سن الزوج وعدم التكافؤ الصحي والجنسي، إدمان الزوج للمقامرة والخمر وتعاطيه المخدرات، وإهماله لوا جباته نحو زوجته.

- أما العوامل الخاصة من ناحية الزوجة فهي الكراهية، عقم الزوجة أو مرضها، بحيث تتعذر الحياة الزوجية، سوء الأخلاق بارتكاب الزوجة جريمة الزنا، إهمال الزوجة لواجباتها وكبر سنها.(1) سواء نحو أطفالها أو نحو زوجها.

 

(1)  أحمد غندور – مرجع سابق .ص  66

(1)  مسعود كمال، مرجع سابق . ص  50

(2)                          Anndree (Michel), Sociologie de la Femille et du Mariage, Paris, P.U.F. 1972. P. 179

(1)  مصطفى عبد الواحد، الأسرة في الإسلام ، عرض عام  لنظام الأسرة في ضوء الكتاب والسنة، مكتبة دار العروبة ، القاهرة . السنة غير مذكورة ، ص 168

(2) Anndree (Michel), Femmes Sexisme et Societés, P.U.F. Paris, 1977. P. 182

(3)

(1)  محمد عاطف غيث، تطبيقات في علم الإجتماع – دار الكتب الجامعية. الإسكندرية 1970 . ص 224

(2)  Dourlen Rollier (Anne – Marie), le divorce à la carte. Edition le Ceinturion. Paris. 1976. P. 19 

(3) المرجع نفسه . ص 47

(1)  مصطفى  الخشاب، مرجع سابق، ص 244

(2)  المرجع نفسه، ص 244

(3) السيد محمد بذوي، مبادئ في علم الإجتماع، ط4 ، دار المعارف  بمصر، 1976 ، ص 381

(4)  مصطفى  الخشاب، المرجع نفسه، ص 244

(1)  سناء الخولي، مرجع سابق، ص 275

(2)  محمد عالق غيث، مرجع سابق، ص : 228-229.

(3) M.ANDREE. Socialogie de la famille et elemariage Op-cit. P 177-178.

(1) الدكتور "تشوار الجيلاني"، مرجع سابق، ص : 50.

(2) محمد محدة، الأحكام الأساسية في الأحوال الشخصية، ج1، الخطبة والزواج، مطبعة الشهاب،، باتنة، الجزائر 1985، ص : 61.

(3) محمد عاطف غيث، مرجع سابق ، 341.

(1) السيد محمد بدوي، مرجع سابق، ص : 380- 381..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot